يقول الإمام الشافعي في البيت الشهير حاضًا على السفر: ‘‘وَسَافِرْ فَفِي الأَسْفَارِ خَمْسُ فَوَائِدِ"، ثم ذكر من هذه الفوائد فائدةً لها ما لها من ضرورة وهي ‘‘َصُحْبة مَاجِد". وإن كنتَ ذا حظٍ وافر قُدِّر لك أن تلتقي هذا الماجد مسافرًا معه عبر عالمه السخي، في سفينة المعرفة والعلم والثقافة والإبداع بأنواعه، والفكر مارا بموانئ المسئولية التي صقلت الرحَالة والترحال. ذلك هو الماجد الذي الذي عرفته في شخص الكاتب والشاعر والأكاديمي والناقد والصحفي والإعلامي، والسياسي والحقوقي الدكتور نوفل أبو رغيف، القيادي البارز في تيار الحكمة الوطني والمتحدث باسمه، والذي تم تكليفه مؤخرًا من قبل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، بمهام رئاسة الجهاز التنفيذي لهيئة الإعلام والاتصالات.
فكيف إذن لا يكون السفينُ مُلهمًا والإبحارُ غانمًا، وكيف لا يحظى وطن بحجم العراق مكانة ومكانًا، حضارةً وحضورًا، بأن يستثمر في رجاله النابهين الذين يمثلون اللؤلؤ في عقد المسيرة الممتدة المزين لجيد الوطن. هذا الوطن الذي يقف الآن سامقًا فوق تلال الشموخ، نافضًا لغبار ماضٍ قاتم، ليفصح عن نفسه، معبرًا عن إمكاناته الحقيقية وقدراته وثقله وتأثيره في محيطه وفيما بعده إلى أبعد الآفاق.
ولم تكن لتتأتى هذه العزيمة وهذا الإصرار لولا نهج قويم، ووعى بدروس التاريخ، وبالقيمة العظمى لبلاد الرافدين، وعيًا تترجمه الآن الصورة الحية للمشهد العراقي، الذي وطأ رماد إخفاقاته وانطلق من شبهة ووهم الضياع إلى مرمى التحقق كما ينبغي، آخذا بأسبابه التي لا يُخطئها عقل رشيد ولا يغفلها قلبٌ شجاعٌ عنيد، فكان البناء السامق الذي نرى، الذي يتكئ على أسس وأعمدةٍ غُرست في أديمٍ بلا شوائب، فلا إرهاب ولا طائفية ولا فساد، وإنما الإخلاص وحسب والسعي والعمل الدءوب الصادق، وبسواعد أبناء العراق شبابها ورجالها الأكفاء، الذين تماسكوا والتحموا على قلب رجل واحد لإنجاز هذه المهمة الوطنية الكبرى وهذا الشرف الذي لا يدانيه معنى طالما كان الوطن في مرمى البصر.
وإذ يأتي نوفل أبو رغيف مثل حبة لؤلؤ في العقد المنضود، فقد جاد الزمان حين يجود، بلياقة صاحب المهمة بالمهام، على عاتقٍ يعي أبعاد المقام، حيث يمتزج العلم والثقافة والفكر والإبداع، بالمسئوليات الوطنية في موطن من أهم البقاع.