🔴فرجال … news
بقلم / دكتورة ابتهال ناجي اللامي
في زمن اختلطت فيه المفاهيم، وتحوّل إحياء ذكرى الإمام الحسين عليه السلام إلى طقوس يطغى عليها البكاء والصراخ، يبقى السؤالالأعمق: لماذا نتبع نهج الحسين؟ وكيف نفهم ثورته بوصفها مشروعًا إصلاحيًا واعيًا لا انفعالا عاطفيًا؟
الإمام الحسين (ع) لم يكن رجل عنف، بل كان قائداً إسلامياً مؤمناً بالحوار، متبنياً لنهج قرآني ونبوي في مقاربة الأزمات. موقفه لم يكن رفضاًمطلقاً للسلم، بل هو استجابة لحاجة المرحلة، كما فعل الإمام الحسن (ع) حين اختار الصلح، وكما كان أمير المؤمنين علي (ع) بين السلموالحرب، بحسب مصلحة الإسلام العليا.
فالحركة الحسينية لم تكن انتحاراً، بل كانت قراراً استراتيجياً بعد أن استنفدت كل خيارات الحوار. لقد تحرك الإمام الحسين بناءً على طلبأهل الكوفة، بعد أن بايعوه عبر سفيره مسلم بن عقيل، وبناءً على قيام الحجة الشرعية عليه، فلم يكن يملك رفض الاستجابة.
عندما واجه الإمام الحسين خصومه، حاول بكل الوسائل تفادي الحرب، وعرض التسوية مراراً، ولكن حين خُيّر بين الذل والاستسلام لحكميزيد الفاسد، وبين المواجهة، قال كلمته الشهيرة: “هيهات منا الذلة”، ليعلن بداية طريق التضحية من أجل بقاء الرسالة.
الثورة الحسينية إذاً، ليست فقط لحظة استشهاد، بل هي دعوة للإصلاح: سياسي، وفكري، واجتماعي، تحت راية الأمر بالمعروف والنهي عنالمنكر. وهذا النهج لا يُختزل بالعنف، بل يقوم على مبدأ: الرفق ما دام يحقق المصلحة، والحزم عندما يُفرض الذل.
ومن هنا، فإن الاقتداء بالحسين لا يعني الصخب والمزاج الثوري العاطفي، بل التخطيط الواعي، ورفض المساومة على المبادئ. الثوريالحقيقي هو من يعرف متى يغضب، ومتى يهادن، ومتى يضحي، بناءً على حسابات دقيقة تخدم الإسلام لا الأهواء.
نهج الحسين (ع) هو نهج كل الأئمة، وهو نفسه نهج النبي محمد (ص). نهج يربط العزة بالرسالة، لا بالمزاج، ويعلي من قيمة الإنسان المؤمنالثابت على مبدأه ولو كلّفه ذلك حياته.
لذا، نتبع الحسين، لأن ثورته كانت وعيًا لا انفعالاً، مشروعًا لا فوضى، ورفضًا للذل لا بحثًا عن الموت.