🛑فرجال... news
بقلم الكاتب : جعفر محيي الدين / النجف
في لحظة خاطفة تحوّلت مدينة الكوت من موطن الدفء و السكينة ، إلى مشهد مأساوي يعتصر القلوب و يعصف بالضمائر ، حريق مول الكوت لم يكن مجرد حادث عرضي ، بل فاجعة إنسانية هزّت العراق من أقصاه إلى أقصاه ، و دوّى صداها في وجدان كل من شاهد ألسنة النار ، و هي تلتهم المكان و تخطف الأرواح دون رحمة ، و هم يتساقطون الواحد تلو الآخر ( شهداء أبرياء ) .
في بلد أعتاد على الصبر كانت الكوت تبكي بحرقة ، لم تكن النيران وحدها من أحرقت أجساد الضحايا ، بل كانت هناك نيران خفية من الحيرة و الحزن و الأسى ، تحترق في صدور العائلات المفجوعة ، و الأمهات الثكالى و القلوب المنكوبة التي ودّعت أحبةً بلا وداع ..!!
ما حدث ليس مجرّد خلل في منظومة أو صدفة عبثية ، بل هو نتاج تراكمي لمواسم الإهمال ، و ضعف الإجراءات و غفلة الأنظمة ، التي يُفترض أن تكون ساهرة على حياة الناس هي صرخة وجع كبرى ، تذكّرنا بأن الدم العراقي ما زال يدفع ثمن التقصير بلا حساب .
و لعل أكثر ما يوجع أن الضحايا كانوا ممن خرجوا طلباً للرزق ، أو بحثاً عن لحظة راحة ليجدوا أنفسهم أسرى نيران لم تجد من يطفئها سريعاً ، مشاهد الدخان المتصاعد لم تكن دخان حريق فحسب ، بل دخان خيبة يتصاعد من بين الأنقاض ، يسائل الجميع بلا إستثناء أما آن لهذا البلد أن يمنح إنسانه كرامة الأمان ..؟؟
و رغم هول المصاب يبقى الشعب العراقي كما عهدناه ، متماسكاً مرفوع الرأس ، يداوي جراحه بالدموع و الدعاء و الصبر و لكن ما جرى يجب أن لا يُنسى ، ولا يُطوى في صفحات الحوادث العابرة .
إن دماء الأبرياء تستحق أن تتحول إلى يقظة ضمير و مراجعة جادة ، و حماية حقيقية لما تبقى من أرواح
فاجعة الكوت ليست نهاية ، بل يجب أن تكون بداية جديدة نحو العدالة والتخطيط و الوقاية لا لتكرار المأساة ، لا لموتٍ يمكن منعه ولا لتأخير الحقيقة .