🛑فرجال... news
ترجمة الناقد السينمائي
د. طاهر علوان..
عندما أكتب قصة،
فأنا أكتب عن تفاصيل رحلة. أرصف أرضيات الشوارع، أزرع الأشجار، أبني المنازل. ألون السماء، وأجعلها تمطر.
لكن القارئ هو من يسلك هذا الطريق. هو من يخطو إلى العالم ويختبره من خلال مرشحات آرائه ومعتقداته وتجاربه الحياتية.
في أيام دراستي الجامعية لنظرية الأدب، أتذكر أنني اطلعت على مقال ‘‘موت المؤلف‘‘ عام ١٩٦٧، ولم أكن أفهمه تمامًا. كنت شابًا، وعقلي كان صغيرا. الآن وقد أصبحت كاتبًا، صرت أفهمه تماما، بل إنني من أشد المدافعين عن هذه النظرية. جزئيًا لأنها تجعل سرد القصص أكثر تشويقًا. وجزئيًا لأنها طريقة لتشجيع القراء على التعمق وقراءة ما لا يقرأونه عادةً.
***
كان المفكّر والناقد الأدبي الفرنسي رولان بارت قد قدم مفهومًا استفزازيًا في مقالة له صدرت عام ١٩٦٧ بعنوان ‘‘موت المؤلف". تحدى بارت الفكرة التقليدية القائلة بأن نوايا المؤلف وسيرته الذاتية يجب أن تُملي تفسير النص. بل جادل بأن دور القارئ بالغ الأهمية في استخلاص المعنى، قائلاً: ‘‘يجب أن يكون ميلاد القارئ على حساب موت المؤلف".
يُبعد بارت المؤلف عن مركزية النص، بحيث تتضاءل أهميته بمجرد كتابة القصة. وهنا يأتي دور القارئ في تفسير القصة وفقًا لتجربته الحياتية وفلسفته.
***
بإبعاده المؤلف عن مركزية النص، يُؤكد بارت على حرية القارئ في تفسير النصوص بشكل مستقل، مما يُعزز تفاعلًا أكثر شخصية وذاتية مع الأدب.
عن عملية القراءة التفاعلية - التفسير
عندما نتفاعل مع قصة، فإننا لا نستوعب المعلومات فحسب؛ بل نبني المعنى بنشاط. يقدم الكاتب العالم والإطار العام - الكلمات والسرد والأفكار - لكن القارئ هو من يُضفي الحياة على هذه العناصر، مُشبعًا إياها بتجارب شخصية ومشاعر وتفسيرات. هذا التآزر يُحوّل الكلمات الجامدة على الصفحة إلى حوار نابض بالحياة ومتطور باستمرار، يتغير باختلاف القارئ.
***
مُردِّدًا أفكار بارت، تُشير ‘‘نظرية استجابة القارئ‘‘ إلى أن معنى النص يتجلى من خلال تفاعل القارئ معه.
تشير هذه النظرية إلى أن الأدب ليس نقلاً أحادي الاتجاه من المؤلف إلى الجمهور، بل هو عمل تعاوني يُخلق فيه المعنى بشكل مشترك.
ماذا يعني هذا للكُتّاب والقُرّاء؟
بالنسبة للكُتّاب، يُشجع إدراك الجانب التعاوني للقراءة على ابتكار سرديات مفتوحة ومحفزة للتفكير، تدعو إلى تفسيرات متنوعة.
بالنسبة للقُرّاء، تُعدّ هذه الأفكار مُمكِّنة للغاية.
هذا يعني أن آراءك حول قصة ما - مهما اختلفت عن آراء الآخرين - صحيحة. وهذا يعني أيضًا أن القارئ قد يقرأ أنواعًا أدبية غير مُعتاد عليها، ويُفسّرها بطريقة تُشعره بأهمية ما. على سبيل المثال، قد يُجرّب قارئ الرومانسية رواية رعب حديثة. قد يكون تفسيره أكثر استنارة بجوانب القصة التي تتوافق مع شغفه بالحب والعلاقات، من قارئ الرعب العادي.
من مقال/ C.HARDAKER
ترجمة...د. طاهر علوان