🛑فرجال... newsالكاتب عبد الله البقاليالمرجح أن أكثر الذين لا يصدقون أسطوانة قيام “إسرائيل الكبرى“ هو اليمين الصهيوني المتطرف نفسه الذي ابتدعها، والذي يجسده حالياً نتانياهو، وهذا اليمين النتن فعلا ابتدع هذه الحكاية التي وردت في كثير من تصورات العديد من تياراته المتطرفة لتثبيت الاحتلال على امتداد فلسطين أولا وبصفة مطلقة، ثم بعد ذلك تحصينه باحتلال الشريط الحدودي في لبنان وسوريا ومصر، ثم تغيير طبيعة النزاع من إطار جغرافي معين إلى مساحة جغرافية شاسعة جدا. وهذا ما تحقق جزء مهم منه على الأقل حينما اضطرت بعض الدول العربية إلى تطبيع علاقاتها مع الكيان بما مكنها من استرجاع جزء من أراضيها أو حماية سيادتها من أي احتلال محتمل. وطبعا فإن تعبير “إسرائيل الكبرى“ يعني الأراضي الفلسطينية المحتلة والمناطق العربية المحتلة في حرب حزيران 1967 إضافة إلى مناطق شرق النيل في مصر وسوريا ولبنان والأردن وغرب الفرات وشمال المملكة العربية السعودية. وقيام “إسرائيل الكبرى“ بكل هذا الامتداد الجغرافي والديموغرافي يحتاج إلى ما لا يملكه الاحتلال وجميع قوى الشر الداعمة، فهو يحتاج بدءاً إلى كل اليهود المنتشرين في العالم، الذين لا يتجاوزون 23 مليونا. وهذا أعلى ما وصل إليه التناسل اليهودي منذ خروجهم من أورشليم منذ أكثر من ألفي سنة، رغم جميع شروط التحفيز على النسل التي وفرت، بما في ذلك اضطرار التشريع اليهودي إلى الاعتراف بنسب الوليد لأمه وليس لوالده، وإن كان هذا الوالد من ديانة أخرى، ناهيك عن أن الثلث من مجموع يهود العالم يحملون الجنسية الإسرائيلية، وغالبيتهم امتلكوا جنسيات أخرى، وهاجروا إلى فلسطين وتحولوا إلى مستوطنين من أصول غير إسرائيلية، من أثيوبيا والسودان ودول الاتحاد السوفياتي سابقا والأرجنتين والمغر،ب وغيرها الكثير من مختلف دول العالم، ونسبة مهمة من 23 مليون يهودي في العالم إما معادين للصهيونية أو يعارضون قيام دولة إسرائيل لأنهم يعتقدون أن قيام هذه الدولة يعني نهاية اليهودية. إذن كيف يمكن إقامة دولة إحتلال كبرى ببضعة ملايين مشتتين على امتداد العالم وسط كثافة ديموغرافية عربية، إسلامية، ومسيحية تتجاوز مائتي مليون نسمة وفي منطقة تمتد لملايين الكيلومترات؟ كيف لاحتلال التفت حوله جميع قوى الشر في العالم بمختلف أشكال الدعم التي يصعب تصورها وتقديرها، انهزم أمام بضعة آلاف، إن لم يكن بضعة مئات، من أبطال المقاومة الفلسطينية الباسلة في غزة لمدة قاربت السنتين؟.. لذلك حينما يحاول نتنياهو إعادة الحياة لأسطوانة “إسرائيل الكبرى“ بالقول إنه “في مهمة روحانية تاريخية تمتد عبر الأجيال“، فإنه في حقيقة الأمر يشهر ورقة أخرى من أوراق اللعب في حرب الإبادة والتطهير التي تقترفها قواته في غزة، بما قد يمثل ضغطا قويا على الدول العربية، ويحقق افتعال معركة هامشية تخفف من قوة الضيق الذي يشعر به قادة الاحتلال في مواجهة شعب بطل في غزة الصامدة. أو على الأقل بما يشكل إلهاءً عما يقترف في غزة من جرائم لم يعرف التاريخ البشري مثيلا لها.. ويبدو أن الورقة لم تحقق ما كان متوقعا من إشهارها، وظلت غزة حاضرة في الإنشغال العالمي، وبقيت شعلة الصمود متقدة. وطالت ورطة الاحتلال
غزة تسقط «إسرائيل الكبرى»