🛑فرجال...news
تشكل فترة ما قبل الانتخابات محطةً فارقة في تاريخ أي مجتمع، حيث يتضاعف دور وسائل الإعلام في نقل الوقائع، وتوجيه الرأي العام، وبناء الصورة الذهنية عن المرشحين والأحزاب. غير أن هذه المرحلة كثيراً ما تشهد انحداراً ملحوظاً في الخطاب الإعلامي، يتحول فيها الإعلام من فضاء للتنوير والتثقيف إلى أداة للتشويه والتحريض، ما يضعف ثقة الجمهور ويؤثر سلباً على المسار الديمقراطي. أولاً: مظاهر الانحدار في الخطاب الإعلامي
1. التحيز السياسي:
انجرار بعض وسائل الإعلام نحو الانحياز المكشوف لجهة معينة، سواء عبر تضخيم إنجازاتها أو التغطية السلبية لمنافسيها.
2. اللغة التحريضية والاستقطاب:
استخدام عبارات تؤجج الانقسام الطائفي أو القومي أو الأيديولوجي، بدل التركيز على البرامج والسياسات.
3. الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة:
انتشار الشائعات وتداولها كحقائق ثابتة، مما يخلق حالة من البلبلة والشك في العملية الانتخابية.
4. الشخصنة على حساب البرامج:
التركيز على القضايا الشخصية للمرشحين بدلاً من تقديم خطاب مهني حول خططهم المستقبلية وإصلاحاتهم المحتملة. ثانياً: الأسباب الكامنة وراء الانحدار
1. غياب المهنية الإعلامية: ضعف التدريب والتأهيل المهني للصحفيين في التعامل مع الاستحقاقات الانتخابية.
2. التأثيرات المالية والسياسية: تبعية بعض الوسائل الإعلامية لرأس المال السياسي أو الاقتصادي.
3. غياب التشريعات الرادعة: قصور القوانين في الحد من التلاعب الإعلامي أو فرض ضوابط صارمة على المحتوى الانتخابي.
4. تأثير وسائل التواصل الاجتماعي: حيث تنتشر الأخبار المضللة بسرعة غير مسبوقة، من دون رقابة أو تحقق من المصادر.
ثالثاً: النتائج المترتبة على الانحدار
1. فقدان الثقة بالإعلام: تراجع مكانة الإعلام كمصدر موثوق للمعلومة، وتعزيز ثقافة الشك والريبة.
2. إضعاف المسار الديمقراطي: انحراف العملية الانتخابية عن جوهرها، عبر التأثير على خيارات الناخبين بالتحريض أو التضليل.
3. تعميق الانقسامات المجتمعية: حيث يؤدي الخطاب المنحدر إلى تكريس الانقسام بدلاً من تعزيز الوحدة الوطنية.
4. إضعاف الثقافة السياسية: إذ يغيب النقاش الحقيقي حول البرامج والسياسات، ليحل محله صراع شعاراتي وشخصي.
رابعاً: سبل المعالجة
1. تعزيز المهنية الإعلامية: من خلال برامج تدريبية متخصصة للإعلاميين في تغطية الانتخابات.
2. تشديد الرقابة القانونية: عبر تشريعات تحد من خطاب الكراهية والتضليل الإعلامي.
3. تمكين المجتمع المدني: لتفعيل دور المراقبة على الخطاب الإعلامي والتوعية بآثاره.
4. الاستفادة من التكنولوجيا: بتوظيف أدوات التحقق الرقمي لمواجهة الأخبار الكاذبة ومكافحة التلاعب بالمعلومات.
الخطاب الإعلامي قبيل الانتخابات ليس مجرد انعكاس للواقع السياسي، بل هو عامل مؤثر في تشكيل المستقبل. والانحدار في هذا الخطاب يهدد نزاهة العملية الانتخابية ويقوض ثقة الجمهور بالمؤسسات. لذا فإن إصلاح الإعلام وتحصينه بالقيم المهنية والقانونية والأخلاقية يشكل ضرورة ملحة لضمان انتخابات نزيهة وصون الإرادة الشعبية.