🛑فرجال... news
بقلم الصحفي محمد حنون
طرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطة لإنهاء القتال في غزة ، قال عنها أنها مبادرة للسلام و إعادة الإعمار ، لكن قراءة متأنية لمضامينها تكشف أنها ليست سوى محاولة لشرعنة واقع الإحتلال و تفريغ القضية الفلسطينية من جوهرها ، و هي خطة تتحدث عن وقف النار و إعادة بناء غزة ، لكنها في العمق مشروع لإقتلاع المقاومة و تجريد الفلسطينيين من حقهم الطبيعي في الأرض و السيادة ..!!
مؤشرات الخطة و الخلل فيها يتعلق بتفكيك المقاومة ، و تجريد غزة من السلاح و جوهر الخطة ، يتركز على نزع السلاح من حركة حماس و تفكيك بنيتها العسكرية بالكامل ، و هذا يعني أن الفلسطينيين سيطلب منهم تسليم أدوات دفاعهم الوحيدة ، بينما تبقى إسرائيل القوة الوحيدة المسلحة تفرض إرادتها بالقوة وقت تشاء ، و الشيئ الآخر إدارة غزة من دون الفلسطينيين ، الحديث عن هيئة حكم مؤقتة من التكنوقراط ، بإشراف توني بلير ليكون المندوب السامي الأمريكب ، و يبدو للوهلة الأولى محايدا‘‘ ... لكنه في الحقيقة إقصاء كامل للفصائل الفلسطينية عن المشاركة في مستقبل القطاع ، و هذا يراد به سحب التمثيل الشرعي من القوى الفاعلة على الأرض ، و تحويل غزة إلى منطقة تحت وصاية أشبه بـمنطقة دولية بلا سيادة ..!!
كذلك التعامل مع غزة ككيان منفصل و الخطة تتعامل مع غزة كملف مستقل عن القضية الفلسطينية الكبرى ، لا حديث جدي عن القدس أو حق العودة أو إنهاء الإحتلال في الضفة الغربية ، و كأن المطلوب هو تسوية محلية في غزة تغلق باب الصراع ، و تبقي الفلسطينيين أسرى كيان معزول
الشيئ ، هو ضمان أمن إسرائيل أولا‘‘ و أخيرا"..!
بنود الخطة تركز على أمن إسرائيل منع الأنفاق تفكيك الصواريخ ، و إبعاد الفصائل و ضبط الحدود ، أما الفلسطينيون فكل ما يمنح لهم هو إعمار مشروط ، و تسهيلات إنسانية” يمكن سحبها في أي لحظة .
الأمر الخطير في خطة ترامب غياب أي ضمانات حقيقية ، و إسرائيل تواصل قصف الأبراج في غزة ، حتى أثناء مناقشة الخط هذا وحده كافٍ ليفضح أن المشروع لا يضع قيودا‘‘ على سلوك الإحتلال ، بل يكافئه على الدمار ليعود و يعيد بناءه بشروطه ..!!
من الواضح جدا‘‘ أن مقترح ترامب يزعج الفلسطينيين و المحور الذي يقف معهم ، لأسباب موضوعية تتعلق بشرعنة الإحتلال بشكل جديد ، حيث الخطة تقدم إسرائيل الطرف الضامن ، بينما الفلسطينيون هم الطرف المُدان و المطلوب منه إثبات حسن النية بهذا الشكل ، و ترسخ الخطة رواية إسرائيل و تعاقب الضحية بدلا‘‘ من الجلاد ، و سرقة غزة بالكامل في جوهرها الخطة تنقل غزة من تحت الإحتلال العسكري المباشر ، إلى وصاية سياسية و أمنية تتحكم فيها إسرائيل عبر المجتمع الدولي ، أي أن الفلسطينيين لن يمتلكوا قرارهم بل سيبقون تحت رحمة قوة تفرض شروطها ، و إلغاء المقاومة كشكل من أشكال الوجود ، حين يطلب من غزة تسليم سلاحها مقابل وعود غامضة ، فهذا يعني محو فكرة المقاومة من أصلها و تجريد الفلسطيني من حقه في الدفاع عن نفسه ..!!
و تحويل القضية من وطنية إلى إنسانية .
خطة ترامب تحول الفلسطيني من صاحب أرض و قضية إلى مجرد ضحية إنسانية تحتاج إلى مساعدات و إعمار ، بهذا يتم إسقاط البعد السياسي و الحقوقي لصالح خطاب الإغاثة و الإعمار .
بالمحصلة النهائية خطة ترامب ليست مشروع سلام ، بل مشروع إدارة أزمة على حساب الفلسطينيين ، هي محاولة لسرقة غزة سياسيا‘‘ ، بعدما دمرت عسكريا"و لذلك فإن ما يزعج الفلسطينيين ليس فقط مضمون البنود ، بل الفلسفة الكامنة وراءها تكريس الإحتلال إقصاء أصحاب الأرض و تحويل غزة إلى منطقة مدارة بلا هوية وطنية ..!!؟؟