🛑فرجال... news بقلم: عصام الصميدعي منظّر الفلسفة التجريدية للإنسانيبدو أن العالم اليوم يقف عند مفترقٍ شديد الحساسية، حيث تتقاطع العقائد مع المصالح، وتتكشف الحقائق التي طالما أُخفيت خلف ستار الدبلوماسية. فالعقيدة التلمودية التي تتبناها الصهيونية العالمية ما زالت تؤمن بمبدأ التفوق المطلق ورفض الرحمة تجاه من تعتبرهم ‘‘أعداءها"، وهي عقيدة تجسّد نزعةً إجرامية استعلائية لا تعترف بعهدٍ أو ميثاق.وقد وجدت هذه النزعة امتدادًا خفيًا في الفكر السلفي التكفيري، الذي تبنّى في جوهره ملامح الحركة الصهيونية ذاتها، فصار أداةً لتمزيق الأمة وإضعافها من الداخل، حتى باتت حركات ‘‘التكفير المتصهينة‘‘ شريكًا موضوعيًا للعدو في تنفيذ مشروعه داخل المنطقة.أما مبادرة ترامب لوقف إطلاق النار في غزة، فلا تحمل من الجدية سوى ما يخدم أهداف التسويف والمماطلة وخداع العالم. فالتاريخ أثبت أن الصهاينة لا يلتزمون باتفاق، ولا يقفون عند حدود الأخلاق أو الإنسانية، بل يواصلون مشروعهم القائم على الدم والهيمنة، متسلحين هذه المرة بدعمٍ عربيٍّ وتركيٍّ مكشوف، وبإرثٍ من الانتصارات السياسية التي حققها التحالف السلفي في سوريا، ما مهّد لتغلغل الكيان داخل أراضيها وتضييق الخناق على محور المقاومة تمهيدًا لضرب حزب الله وتأمين حدود الكيان الشمالية.لكنّ الرياح تغيّرت.فالصين، التي أدركت ضعف المنظومة الغربية، وجدت في الأزمة فرصةً استراتيجية لتعزيز حضورها العالمي، عبر تفوقها في العلوم والتكنولوجيا والفضاء، مما جعل الولايات المتحدة تعيد حساباتها في الشرق الأوسط، وتدرك أن مشروعها القائم على ‘‘إسرائيل الكبرى‘‘ بات مهددًا بالانكشاف والفشل.إن فكرة صناعة كيان رمزي باسم ‘‘إسرائيل الكبرى‘‘ في منطقة تتنفس الديانات الإبراهيمية، وتقوم على جذور الإسلام والمسيحية، لن تكون إلا وهمًا، فالإسلام المحمدي الأصيل محصّن بكتابه وأتباعه، ولا يمكن استبداله أو تحييده. وأي صدام مباشر مع هذه الحقيقة سيفتح الباب لتدخل قوى جديدة — في مقدمتها الصين — وسيجعل القواعد الأمريكية في المنطقة عرضة للاهتزاز وربما الزوال.إن ما يُحاك اليوم لغزة ليس سوى فصلٍ جديدٍ من الخداع السياسي الأمريكي–الصهيوني، يهدف لإعادة التموضع، وتمرير مخططاتٍ جديدة ضد إيران، التي ما زالت ترفض الانصياع للهيمنة الغربية.لكنّ التاريخ لا يرحم، والسنن لا تتبدل؛ فالإمبراطوريات حين تُصاب بالغرور تبدأ بالتصدع من الداخل. والولايات المتحدة اليوم تواجه انقسامًا داخليًا حادًا، وتحتاج إلى قائدٍ حكيمٍ لا إلى تاجرٍ وسمسارٍ يبيع القيم في أسواق السياسة.إن الإمبريالية تنهار حين تستيقظ الشعوب، والوعي الذي يتصاعد في كل أرجاء الأرض اليوم هو أعظم تهديد لها.ولعل في قوله تعالى:> ‘‘أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم..."تذكيرٌ بأن العاقبة دائمًا للمستضعفين، وأنّ إرادة الله وحدها هي التي تكتب النهاية لكل طغيان
ترامب وغزة... بين خُداع السياسة وسقوط الإمبراطورية
