● "السنيد ينتقد قرار الحكومة بربط معاملات المواطنين ببراءة الذمة: إجراء غير قانوني ومخالف للدستور"
● أبو رغيف ، يعلن إطلاق الامتداد الرقمي (ID.IQ) مجاناً لطلبة الجامعات ويؤكد المضي في ترسيخ السيادة الرقمية وطنيا
● العراق يثمن الموقف المسؤول للمملكة العربية السعودية واجراءاتها القانونية بحق المسيئين
● الفنانة كلوديا حنا: نجاحي بالسعي وواجهت أذى بسبب ملامحي
● رابطة اللاعبين الدوليين تستنكر وتستهجن الاسائة للشخصيات الرياضية والكروية...
● لقاء دبلوماسي رفيع في بكين: السفير العراقي يلتقي بمساعد وزير دائرة العلاقات الخارجية في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني
● هيئة الإعلام والاتصالات... بين الإصلاح الحقيقي وحملات التسقيط المفبركة*
● التيار الصدري وخريطة القوة في العراق..بين التأجيل والعودة المحتملة
● سعد الأوسي : نعيد للإعلام هيبته وللكلمة مسؤوليتها**
● د اياد علاوي يستقبل سفير المملكة المتحدة في العراق
● "السنيد ينتقد قرار الحكومة بربط معاملات المواطنين ببراءة الذمة: إجراء غير قانوني ومخالف للدستور"
● أبو رغيف ، يعلن إطلاق الامتداد الرقمي (ID.IQ) مجاناً لطلبة الجامعات ويؤكد المضي في ترسيخ السيادة الرقمية وطنيا
● العراق يثمن الموقف المسؤول للمملكة العربية السعودية واجراءاتها القانونية بحق المسيئين
● الفنانة كلوديا حنا: نجاحي بالسعي وواجهت أذى بسبب ملامحي
● رابطة اللاعبين الدوليين تستنكر وتستهجن الاسائة للشخصيات الرياضية والكروية...
● لقاء دبلوماسي رفيع في بكين: السفير العراقي يلتقي بمساعد وزير دائرة العلاقات الخارجية في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني
● هيئة الإعلام والاتصالات... بين الإصلاح الحقيقي وحملات التسقيط المفبركة*
● التيار الصدري وخريطة القوة في العراق..بين التأجيل والعودة المحتملة
● سعد الأوسي : نعيد للإعلام هيبته وللكلمة مسؤوليتها**
● د اياد علاوي يستقبل سفير المملكة المتحدة في العراق

تراجيدية غسان كنفاني في رواية «رجال في الشمس»

🛑فرجال... news

بقلم ا. زهراء الفاضلي...

في مسار الأدب الثوري، منذ أن دارت رحى معارك الحرب على أرض فلسطين لاسيما إبان اندلاع النكبة النكراء عام ۱۹٤٨، واحتلال فلسطين من قبل الكيان الصهيوني، تجنّد الكثير من أدباء المقاومة إلى إذكاء وتنمية روح البعث والثورة إزاء ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من انتهاكات على مدار مائة عام، ومن هذا المنطلق احتل محور المقاومة، المرتبة الأولى في كتب الأدباء الملتزمين لشعبهم المغلوب على أمره. ومن يقرأ ما كتب عن المقاومة منذ فجر التاريخ والأدب، لاسيما روايات غسان كنفاني، يجد معينا فياضاً يشف عن المضامين الإنسانية والوطنية إزاء مأساة الإنسان الفلسطيني في أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

في البداية سنلقي الأضواء كاشفة على البيئة التي نشأ فيها الكاتب، لقد عاش غسان كنفاني في يافا في ظل الانتداب البريطاني، وفي أعقاب سماح المندوب هربرت صموئيل ببيع الأراضي لليهود وهجرتهم إلى فلسطين، وهذه الهجرة هي الباعث الرئيس في مأساة قضية فلسطين، حيث إن معظم المهاجرين كانوا يحملون الفكر الصهيوني القائم على أن أرض فلسطين هي أرض لهم، ولكن الأمر الذي باء بالفلسطينيين إلى الفشل في قطف ثمار جهودهم ضد البطش البريطاني يرجع إلى ضعف وأنانية القيادة، لقد كان القادة يتنافسون فيما بينهم على الكراسي، ويحاربون بعضهم بعضا، فتفشت أنانيتهم في أبشع صورها حتى أعمتهم عن رؤية البعد الإنساني، فآل الشعب الفلسطيني إلى ما آل إليه، وأخذ يصارع الموت في كل يوم.

بهذه الصور الناطقة يتمثل لنا التوازى الطردي بين كتابات غسان وسيرة الثورة إذ تزداد مأساة نكبة ۱۹۴۸ وتشتد ويكتب فيها ويتساءل عم سيخسره البؤساء سوی جوعهم حين يقاومون؟ وينهيها وهو ممتلئ إصرارا بأن يضئ تجليات المقاومة بتوظيف تركيباته الماثلة في الموقع التاريخي لإزاحة الستار عن واقع شعبه المأساوي الذي أجبر على العزلة عن السياق التاريخي، فعندما حاد بهم الدهر والاتضاع والدونية إلى الموت أراد تبيان هذه الحقيقة الكامنة في أنسوجته الروائية بأن كل منهم أصبح لحظة في تاريخ شعبه المغلوب على أمره فعکس عجزه واستسلامه

تحمل الرواية التي يعبقها عنوان «رجال في الشمس»، ويجسد مدار رحلة التشرد من المنافي، والأصقاع، والموت والحيرة، وحياة البؤس والشقاء، والفاقة. وفيها استبار من زوايا الخيام حياة ثلاثة فلسطينيين من أجيال مختلفة، محرومين من كل مقومات الحياة يلتقون حول إيجاد حل فردي لمشكلة الإنسان المعيشية، وضرورة الهرب بطريقة غير شرعية إلى الكويت، حيث النفط والثروة، بحثا عن حياه أفضل فقرروا الاختفاء في لب خزان المياه في الشهر الناري «آب»، الذي يمثل جهنم في جوفه، وهنا يكمن العنصر التراجيدي الأساس في زاوية من زوايا نفس الكاتب الذي انفجر بداخله تعبيراً عن الفقر المدقع والبؤس المترسب في نفوس الأجيال الثلاثة، من كهل وشاب وفتى، لقد كدس غسان كنفاني ثلاثة لاجئين شقوا بطن المخيم وهربوا عزلاء نحو الأرض الواسعة في بطن الصهريج، مونولوجات شخصياته قائمة على: أبوقيس الرجل العجوز المشدود بالماضي الذي يحلم ببناء غرفة في مكان ما خارج المخيم، ويعقد العزم على السفر إلى الكويت ليشتري بعض أشجار الزيتون وليعود إلى ذلك الماضي، وأسعد الشاب الذي يحلم بدنانير الكويت وحياة جديدة، ومروان الفتى البصري الذي يحاول أن يتغلب على مأساته المعيشية، شقيقه في الكويت تركهم دون معيل، لأنه تزود هناك، وأبو الخيزران الذي يعتبر رمزًا للقيادة الفلسطينية التي قصّرت في الاضطلاع بدورها، وقد يكون رمزًا للقيادات العربية، الملوك والرؤساء العرب إبان النكبة. والصهريج رمز للعالم العربي والصحراء أيضا هي رمز للأمة العربية وكذلك ترمز الصحراء في شعر شعراء فلسطین كسميح القاسم إلى الأمة العربية في ماضيها وعنفوانها ونقائها. سيما أنه اعتبر موظفي الحدود رمزا للبيروقراطية العربية. تجدر الإشارة إلى أن لفظة الشيطان من الكلمات التي كثرت في سرديات غسان حيث أن الشيطان رمز للتمرد والرفض واستعمالها لا تشذ عن الشعر الفلسطيني أيضا كما قال الشاعر أمل دنقل: المجد للشيطان أي المجد للثورة والتمرد على الاحتلال

يعزو غسان كنفاني في روايته هذه الجوانب التي تسببت في النكبة إلى عاملين: العامل الأول القيادات الفلسطينية العاجزة، والعامل الثاني الشعب المستسلم الذي سلم زمام التفاوض إلى أبي الخيزران (الذي هو رمز للقيادة الفلسطينية )، وبذلك صنع الخلفية التاريخية المهزومة عام نكبة ١٩٤٨، فلا غرو أن الصورة تبدو مؤلمة إلى حد ما بأن جعل غسان التراجيديا جذوراً ومبنى تاريخياً. في رواية “رجال في الشمس” تنطوي التراجيديا تحت مسميات تنبئ بالسقوط والانبطاح، وقبول الهوان

سعى أبطال الرواية في الأرض بحثاً عن خلاصهم، فقاموا باللجوء إلى بلد آخر بحثاً عن حياه أفضل، وقرروا الاختفاء في خزان المياه في الشهر الناري «آب» حتى يعبروا الحدود ليدركهم الموت فيه بسبب الحرارة العالية والشمس اللاهبة عندما تأخر عنهم سائق السيارة وتركهم وكأنهم في فرن الموت انتشل جثثهم الهامدة وكومها فوق رمال النفايات وحملهم مسئولية أنفسهم قائلا: كان عليهم أن يدقوا جدار الخزان لذلك انصاعوا للموت. فهذا الموت في الخزان تحديدا يجسد حال كل فرد هش البناء هزيل شلت فاعليته، كما لو أنه يهرب من ساحة القتال، فيتجرد من الصلابة والذود عن حياض الوطن، ومع دورات الزمن يتخلى عن مصيره وهويته

لقد ترك لنا كنفاني في نسيجه القصصي سؤالاً يدوي على مدى الأزمان، عندما قال « لماذا لم يدقوا جدار الخزان؟ » وهي كلمة للأجيال على امتداد التاريخ البشري ألا يستسلموا ويطرقوا جدار الخزان. ففي هذا السؤال تحديداً بخاطبنا غسان بقوة العقل والمنطق لا بروح العاطفة الجامحة والانفعال. يريد أن يحملنا على إدانتهم لا الإشفاق عليهم، ونراه يخبر عن جمالية الرفض وإباء الضيم وعدم الانصياع للقيادة تارة أخرى. وفي هذا السؤال يدعو مسامع ضمائر الشعوب الصامته أن تنفجر وتثور وتتسرب منها كلمة الرفض على ما يعانيه في صحراء نائية، ويحرضها على التحرر من الأصفاد التي وضعتها القيادات العاتية على أجيادها