🛑فرجال... news
أحمد محمد –
باحث وكاتب في الشأن الآسيوي...
في أجواء مفعمة بالبهجة والأمل، أقامت وكالة التنمية الكورية (كويكا) وجمعية خريجي الوكالة الكورية للتعاون الدولي في العراق (كآي) الاحتفال السنوي لخريجي الوكالة لعام 2025 و تخرج دفعة جديدة من المتدربين العراقيين الذين شاركوا في برامجها التنموية، بحضور رسمي رفيع تقدمه معالي السفير الكوري في العراق لي جون إيل، ووكيل وزارة الخارجية العراقية الدكتور هشام العلوي، اضافة الى ما يقارب ال 200 من ممثلي المؤسسات الحكومية وممثلي وكالات الامم المتحدة ونخبة من الشخصيات الأكاديمية والإعلامية .
لم يكن هذا الاحتفال مجرد مناسبة بروتوكولية، بل لوحة إنسانية تجسد عمق الصداقة بين العراق وكوريا، وتؤكد أن التنمية الحقيقية تبدأ من الإنسان وتزدهر بجهده ومعرفته.
تخلل الحفل عدد من الفقرات التي أضفت عليه روحاً مميزة، كان من أجملها أنشودة أطفال مدرسة بردى الابتدائية التي عبرت في اغنيتهم الجميلة في الترحيب بالضيوف وعن عمق الصداقة العراقية الكورية، فكانت لحظة دافئة تلامس القلب وتعكس براءة الأمل في جيل يتطلع إلى المستقبل. كما تضمن الحفل فقرة تعريفية تفاعلية عن الثقافة الكورية، جرى خلالها طرح أسئلة وأجوبة شيقة بين الحضور، عرفتهم بعادات وتقاليد واللغة للشعب الكوري وروحه الإبداعية التي تجمع بين الأصالة والحداثة.
ولا تقتصر إنجازات كويكا على المشاريع الإنمائية أو التدريبية القصيرة فحسب، بل تمتد إلى الاستثمار في التعليم العالي، إذ أتاحت الوكالة فرصاً للدراسة الأكاديمية في برامج الماجستير والدكتوراه داخل كوريا الجنوبية، مقدمة بذلك جسوراً جديدة للمعرفة والتبادل العلمي، محدثة بذلك نقلة نوعية في تطوير قدرات الكفاءات العراقية في مختلف المجالات العلمية والإدارية والتقنية.
كما يعد مركز CIAT التابع لكويكا في جمهورية كوريا منصة رئيسية لهذا التعاون، إذ يستضيف سنوياً عشرات الورش والدورات التدريبية، ليكون همزة وصل بين العقول العراقية ونظيراتها الكورية، في بيئة تعليمية تفاعلية تمزج بين المعرفة التقنية والرؤية التنموية المستدامة.
وفي كلمته خلال الحفل، عبر السفير الكوري لي جون إيل عن سعادته بهذا الحدث، موجهاً تحية تقدير واعتزاز إلى خريجي كويكا، ومؤكداً أن كوريا الجنوبية تنظر إلى العراق كشريك حقيقي في مسيرة التنمية والسلام. وقال:
‘‘أغتنم هذه الفرصة لأؤكد التزام كوريا الثابت بدعم التقدم في العراق. أنتم خريجو كويكا تمثلون جسوراً نابضة تربط بين بلدينا الصديقين، وآمل أن تثمر المعارف التي اكتسبتموها في بناء عراق أكثر ازدهاراً."
أما وكيل وزارة الخارجية العراقية الدكتور هشام العلوي، فأشاد بالدور الكوري الريادي في دعم العراق منذ عام 2003، سواء في مشاريع إعادة الإعمار أو في دعم المسار الديمقراطي، مؤكداً أن العلاقة بين البلدين تمثل اليوم نموذجاً يحتذى به في التعاون القائم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
كما ندعوا إلى الاستفادة من التجربة الكورية التي حولت كوريا الجنوبية من دولة نامية إلى واحدة من أكثر دول العالم تقدماً وابتكاراً، بفضل إيمانها بالعلم والانضباط والإرادة الوطنية.
إنّ ما يميز كويكا ليس فقط حجم المشاريع أو التمويل، بل روح الشراكة الإنسانية التي تنتهجها في كل نشاط، فهي لا تعمل كجهة مانحة، بل كصديق حقيقي يشارك الآخرين خبرته، واضعاً الإنسان في صميم رؤيته التنموية.
وفي ختام الحفل، عبر الحضور عن شكرهم العميق لوكالة كويكا على هذا المحفل المنظم والملهم، الذي جسد عمق العلاقات العراقية الكورية، وشكروا السفير الكوري وفريق الوكالة على جهودهم المستمرة في دعم التنمية والتعليم في العراق.
لقد أثبت هذا اليوم أن قصة كويكا في العراق ليست مجرد فصول من التعاون التنموي، بل حكاية صداقة متجذرة بين شعبين اجتمعا على الإيمان بأن البناء الحقيقي يبدأ من العقول، وينتهي بازدهار الإنسان.
ففي كل مشروع، وفي كل متدرب، وفي كل ابتسامة نجاح، تتجسد رسالة كوريا للعالم:
أن التنمية ليست هبة تمنح ، بل شراكة تبنى بالثقة، وتروى بالمحبة، وتخلد بالعطاء