🛑فرجال... news
بقلم رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين ا. مظفر عبدالمجيد
مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية السادسة، تعود من جديد مشاهد الحراك الانتخابي إلى الشارع العراقي، حيث تشهد الساحة السياسية حراكًا مكثفًا من قبل المرشحين، يتجسد في زيارات ميدانية ولقاءات مباشرة مع المواطنين في مختلف المناطق. مشاهد تتكرر مع كل دورة انتخابية، وتفتح الباب واسعًا أمام التساؤل: هل هذه الزيارات نابعة من حرص حقيقي على التواصل مع الناس؟ أم أنها مجرد استعراض وقتي ينتهي بانتهاء السباق الانتخابي؟
لقد أصبح المواطن العراقي، بفعل التجارب السابقة، أكثر وعيًا وتمييزًا بين المرشح الحقيقي الذي يحمل مشروعًا وطنيًا، وبين من يسعى فقط لتحقيق مكاسب شخصية أو حزبية. ولعل أبرز ما يُسجَّل على كثير من المرشحين هو غيابهم التام عن الساحة خلال السنوات التي تسبق الانتخابات، وظهورهم المفاجئ وقت الحملة الانتخابية، في محاولة لاستعادة الثقة أو بناء قاعدة لم تُبْنَ أصلًا.
إن قلة فقط من المرشحين استطاعوا ترسيخ علاقة ثابتة مع جمهورهم، مبنية على المواقف لا الوعود، وعلى العمل لا الشعارات، وهؤلاء غالبًا ما يُمنَحون الثقة من قبل الناخب دون حاجة إلى استعراض أو حملات دعائية مكثفة، لأنهم ببساطة حاضرون دائمًا بين الناس، لا فقط عند الحاجة إلى أصواتهم.
من هنا، تبرز مسؤولية الناخب بوصفه حجر الزاوية في أي عملية ديمقراطية. عليه أن يُحسن الاختيار، وأن لا ينجرف خلف الوعود المؤقتة أو الولائم الانتخابية، بل أن يضع نصب عينيه مصلحة العراق أولًا، ومصلحته كمواطن ثانيًا. فالنائب الذي لا يمتلك تصورًا واضحًا للدولة، ولا يؤمن بالعدالة والمواطنة، لن يصنع فرقًا، مهما كانت شعاراته رنانة.
ما نأمله اليوم من المرشحين هو أن تكون زياراتهم الميدانية بداية لعلاقة طويلة الأمد مع المواطنين، قائمة على الإصغاء والمساءلة والعمل المشترك، لا علاقة تنتهي بانتهاء التصويت. كما نأمل أن تكون لدى الناخبين درجة عالية من الوعي تؤهلهم لاختيار من هو جدير بتمثيلهم تحت قبة البرلمان، ومن يحمل مشروعًا حقيقيًا للدفاع عن حقوقهم وكرامة بلدهم.
فإن صناديق الاقتراع وحدها لا تصنع التغيير، بل وعي الناخب، ونزاهة المرشح، وصدق النية في خدمة هذا الوطن الجريح.