● "السنيد ينتقد قرار الحكومة بربط معاملات المواطنين ببراءة الذمة: إجراء غير قانوني ومخالف للدستور"
● أبو رغيف ، يعلن إطلاق الامتداد الرقمي (ID.IQ) مجاناً لطلبة الجامعات ويؤكد المضي في ترسيخ السيادة الرقمية وطنيا
● العراق يثمن الموقف المسؤول للمملكة العربية السعودية واجراءاتها القانونية بحق المسيئين
● الفنانة كلوديا حنا: نجاحي بالسعي وواجهت أذى بسبب ملامحي
● رابطة اللاعبين الدوليين تستنكر وتستهجن الاسائة للشخصيات الرياضية والكروية...
● لقاء دبلوماسي رفيع في بكين: السفير العراقي يلتقي بمساعد وزير دائرة العلاقات الخارجية في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني
● هيئة الإعلام والاتصالات... بين الإصلاح الحقيقي وحملات التسقيط المفبركة*
● التيار الصدري وخريطة القوة في العراق..بين التأجيل والعودة المحتملة
● سعد الأوسي : نعيد للإعلام هيبته وللكلمة مسؤوليتها**
● د اياد علاوي يستقبل سفير المملكة المتحدة في العراق
● "السنيد ينتقد قرار الحكومة بربط معاملات المواطنين ببراءة الذمة: إجراء غير قانوني ومخالف للدستور"
● أبو رغيف ، يعلن إطلاق الامتداد الرقمي (ID.IQ) مجاناً لطلبة الجامعات ويؤكد المضي في ترسيخ السيادة الرقمية وطنيا
● العراق يثمن الموقف المسؤول للمملكة العربية السعودية واجراءاتها القانونية بحق المسيئين
● الفنانة كلوديا حنا: نجاحي بالسعي وواجهت أذى بسبب ملامحي
● رابطة اللاعبين الدوليين تستنكر وتستهجن الاسائة للشخصيات الرياضية والكروية...
● لقاء دبلوماسي رفيع في بكين: السفير العراقي يلتقي بمساعد وزير دائرة العلاقات الخارجية في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني
● هيئة الإعلام والاتصالات... بين الإصلاح الحقيقي وحملات التسقيط المفبركة*
● التيار الصدري وخريطة القوة في العراق..بين التأجيل والعودة المحتملة
● سعد الأوسي : نعيد للإعلام هيبته وللكلمة مسؤوليتها**
● د اياد علاوي يستقبل سفير المملكة المتحدة في العراق

دور الإعلام في إلغاء الهوية الوطنية: قراءة في أدوات التأثير وآليات التغييب

🛑فرجال...news

بقلم ا. سعد فياض

يشكّل الإعلام في المجتمعات المعاصرة أحد أهم الأدوات التي تُسهم في بناء أو هدم الهوية الوطنية. فكما استطاعت وسائل الإعلام عبر التاريخ أن تعزز الانتماء والوحدة الوطنية، فإنها اليوم، في ظل العولمة الرقمية وتعدد المنصات العابرة للحدود، أصبحت أيضًا قادرة على تفكيك البنى الثقافية والقيمية للأمم، وإعادة تشكيل وعي الشعوب على أسس غريبة عن منظومتها الحضارية والاجتماعية. من هنا تتجلى خطورة الدور الذي قد يلعبه الإعلام في إلغاء الهوية الوطنية عبر التلاعب بالمضامين، وتوجيه الخطاب، وإعادة صياغة الرموز والمعايير.

أولًا: مفهوم الهوية الوطنية ودلالاتها

الهوية الوطنية هي الوعي الجمعي الذي يربط المواطن بوطنه من خلال مجموعة من القيم والتاريخ واللغة والثقافة المشتركة. وهي ليست مجرد شعور بالانتماء، بل منظومة فكرية وثقافية تُسهم في الحفاظ على تماسك المجتمع واستقراره. غير أن هذه الهوية ليست ثابتة، بل تتعرض باستمرار لمحاولات الإضعاف أو الإلغاء من خلال أدوات القوة الناعمة، وفي مقدمتها الإعلام.

ثانيًا: الإعلام كأداة لتشكيل الوعي

يقوم الإعلام بدور رئيسي في صناعة الرأي العام، وتوجيه الانتباه الجماعي نحو قضايا معينة وإهمال أخرى. ومن خلال التكرار، والتأطير، والانتقاء، يستطيع أن يُحدث تحولات عميقة في إدراك الجمهور لماهية الوطن ومعاني الانتماء. وعندما يتبنى الإعلام خطابًا مفرغًا من الرموز الوطنية، أو ينقل ثقافات دخيلة دون تمحيص، فإنه يسهم تدريجيًا في تفكيك الروابط الهوياتية لصالح ثقافات عابرة أو مصالح خارجية.

ثالثًا: أدوات الإعلام في إلغاء الهوية الوطنية

1. التغريب الثقافي:

تبني وسائل الإعلام لنماذج ثقافية غربية على حساب الموروث المحلي، ما يؤدي إلى تهميش الرموز والعادات الوطنية.

2. التسطيح والإلهاء:

التركيز على الترفيه والاستهلاك بدلًا من المعرفة والوعي، مما يخلق جيلًا منقطعًا عن قضاياه الوطنية.

3. اللغة والإعلام اللغوي:

هيمنة اللغات الأجنبية على المحتوى الإعلامي يؤدي إلى تآكل اللغة الأم التي تُعد وعاء الهوية وذاكرة الأمة.

4. تشويه الرموز الوطنية:

استهداف الشخصيات الوطنية أو التاريخية في الخطاب الإعلامي بهدف تقليل تأثيرها في الوعي الجمعي.

5. الإعلام العابر للحدود:

القنوات والمنصات العالمية تروّج لقيم موحدة عابرة للأوطان، مما يجعل الهوية الوطنية تبدو ‘‘ضيقة‘‘ أو ‘‘قديمة‘‘ أمام الخطاب الأممي الحديث.

رابعًا: الإعلام الرقمي والتهديد الجديد للهوية

في عصر المنصات الاجتماعية، لم يعد الإعلام مقتصرًا على المؤسسات، بل أصبح كل فرد ‘‘وسيلة إعلامية‘‘ بحد ذاته. هذه البيئة المفتوحة سمحت بانتشار خطابات مضادة للهوية الوطنية تحت شعارات الحرية والانفتاح، وغالبًا ما تُستخدم من قبل جهات سياسية أو استخبارية ضمن ما يُعرف بـ حروب الإدراك، التي تستهدف تفكيك المجتمعات من الداخل عبر بث الشكوك حول الرموز والقيم الوطنية.

خامسًا: الإعلام والهوية في السياق العراقي (نموذج تطبيقي)

يُظهر المشهد الإعلامي العراقي خلال العقدين الأخيرين مثالًا واضحًا على الصراع بين خطاب الهوية الوطنية وخطاب الانقسام الطائفي أو الإقليمي. فقد أسهمت بعض القنوات في ترسيخ الانتماءات الفرعية (الطائفية، القومية، الحزبية) على حساب الانتماء للوطن الجامع، مما أدى إلى تشظي الوعي الوطني وتراجع قيم الوحدة. كما أن الاعتماد المفرط على المحتوى المستورد وغياب الإعلام الوطني الموحد ساهم في تآكل الهوية العراقية الجامعة لصالح سرديات خارجية متناقضة.

سادسًا: نحو إعلام وطني يعيد بناء الهوية

لمواجهة هذا التحدي، لا بد من إستراتيجية إعلامية وطنية تقوم على:

1. دعم الإعلام المحلي الحر والمستقل.

2. إدماج القيم الوطنية في المناهج والبرامج الثقافية.

3. تدريب الصحفيين على الخطاب الوطني الجامع.

4. تشجيع الإنتاج الإعلامي الذي يعزز التنوع ضمن الوحدة.

5. مراقبة المحتوى الخارجي الذي يستهدف الهوية وتطوير أدوات الرد الإعلامي الذكي.

ختاما

إن إلغاء الهوية الوطنية لا يحدث دفعة واحدة، بل عبر عملية ناعمة متدرجة تنفذها وسائل الإعلام من خلال إعادة تشكيل الوعي الجمعي للأفراد. لذلك، فإن حماية الهوية الوطنية ليست مسؤولية الدولة وحدها، بل مسؤولية مجتمعية وإعلامية مشتركة تتطلب وعيًا نقديًا، ومؤسسات إعلامية مسؤولة، وخطابًا وطنيًا متوازنًا يجمع ولا يفرق. يبقى الإعلام، في نهاية المطاف، سلاحًا ذا حدين: إمّا أن يكون أداة للتنوير والبناء، أو وسيلة للتغييب والإلغاء.