🛑فرجال... news
مظفر عبد المجيد المحمداوي
رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين
في عالمٍ تتفاوت فيه المعايير، ويتحول فيه الإنسان إلى رقمٍ في معادلات السياسة والاقتصاد، يظهر السؤال الأشد مرارة: ما هي قيمة الإنسان؟
عند البعض، للأسف، قيمة الإنسان لا تتجاوز “بضعة دنانير وكفن”… رقم يُكتب في تقرير تعويض، أو يُناقش في جلسة إدارية جافة، بعد أن يُسحق المواطن في حادث أو يُغتال بحادثة فساد أو يُدفن بصمت بسبب الإهمال.
تُختزل الحياة كلها… أحلام الطفولة، تعب السنوات، كرامة العيش… في مبلغ لا يكفي لبناء بيت صغير، ولا يواسي قلب أم، ولا يرمم وجع أرملة.
لكن قيمة الإنسان عندنا… “بگد غلاتك يا وطن”.
نحسب الإنسان ليس بما يملكه من مال، بل بما يمنحه من حب، بما يزرعه من إخلاص، بما يقدمه من تضحيات.
قيمة الإنسان في العراق، في ضمير أهله، لا تُقاس بالدينار، بل تُوزن بدموع الأمهات، بعرق الكادحين، بصبر الشهداء.
فشتان بين وطن يرى أبناءه أرقامًا، ووطن يرى أبناءه أعمدةً له وسقوفاً تظلله…
لكن الحقيقة المُرّة أننا اليوم نعيش التناقض المؤلم:
الإنسان عندنا أغلى ما نملك، لكن منظومة الفساد، والمحاصصة، والإهمال تجعله أرخص ما يُحترم.
يُقتل في حادث سير بسبب طريق مهمل، يُهمل في مستشفى، يُفقد في مستنقع البطالة، ثم يُقيّم بكتاب رسمي:
“يُصرف لعائلته مبلغ وقدره…”
أهذه هي كرامة الإنسان في وطنه؟
إننا بحاجة إلى ثورة وعي أخلاقية ومؤسساتية تجعل من الإنسان جوهر العملية السياسية، لا مجرد ضحية لها.
نحتاج إلى منظومة تعترف أن الإنسان ليس مجرد “مستفيد” بل هو الهدف والوسيلة والغاية.
قيمة الإنسان يجب أن تكون بقدر غلاك يا وطن… وإلا سنستمر نخسر الإنسان… ونخسر الوطن معاً.