🛑فرجال... news
في قلب الشرق الأوسط حيث تتشابك المصالح والقوى وتتقاطع الأزمات يبدو 2026 وكأنه عام القرار المصيري. المنطقة على حافة لحظة فارقة، وكل تحرك صغير فيها يحمل أوزان هائلة من التداعيات المحتملة.
يبدو الشرق الأوسط على شفا لحظة حاسمة حيث تتشابك الأزمات الاقتصادية والسياسية والأمنية في نسيج معقد من الأحداث المتداخلة ويبرز العراق وإيران كمحورين لا يمكن فصلهما عن مستقبل الاستقرار الإقليمي. إيران تقف أمام سلسلة من الضغوط المتزامنة داخلياً وخارجياً فبعد الهجمات المتبادلة مع إسرائيل في يونيو 2025 حين استهدفت إيران أكثر من مئة وخمسين موقعاً إسرائيلياً وردت إسرائيل بضرب منشآت حساسة داخل الأراضي الإيرانية ارتفعت حرارة التوتر إلى مستويات لم يشهدها الشرق الأوسط منذ سنوات وأصبح كل تحرك دبلوماسي أو أمني رهينة لحسابات دقيقة ومعقدة، وكأن المنطقة كلها معلقة على حافة صدام محتمل قد يغير ملامحها بالكامل.
البرنامج النووي الإيراني يظل محور قلق دولي مستمر، فقد توصلت طهران إلى اتفاق مبدئي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لاستئناف عمليات التفتيش إلا أن هشاشة هذا الاتفاق وتهديد إلغائه في حال عودة العقوبات يجعل المنطقة تتأرجح بين تهديد محتمل وضرورة ملحة للتفاهم الدبلوماسي .
في الوقت نفسه تعاني إيران من أزمة اقتصادية خانقة ترتفع فيها معدلات التضخم والبطالة وتزداد الضغوط المعيشية على السكان ما يجعل الشارع الإيراني حاضناً لغضب محتمل قد يشتعل في أي لحظة بينما تبقى ميليشياتها ودعمها الإقليمي في العراق بمثابة شريان يربط مصيرها بما يحدث على الأراضي العراقية.
وفي العراق تتجلى دروس السنوات الماضية بوضوح ففي 2011 مع إعلان الولايات المتحدة انسحاب قواتها القتالية بعد ثماني سنوات من الغزو بدا الأمر وكأنه استعادة للسيادة لكن الواقع كشف هشاشة المؤسسة العسكرية العراقية وغياب الاستعداد لمواجهة التهديدات الداخلية وبرز الفراغ الأمني والسياسي الذي فتحت له الانقسامات الطائفية والسياسية أبواباً للتطرف لتأتي داعش وتستغل الوضع وتسيطر على مساحات واسعة بما فيها الموصل عام 2014 واليوم مع الانسحاب المزمع للتحالف الدولي في 2026 تتكرر المخاطر لكن بخلفية مختلفة فالعراق اكتسب خبرة واسعة في مواجهة التنظيمات الإرهابية وأصبح الحشد الشعبي والقوى المسلحة جزء من المعادلة الأمنية فيما يظل المجتمع الدولي ملتزماً بعدم السماح بتكرار كارثة داعش لكن الهشاشة السياسية والاقتصادية ووجود ميليشيات متعددة الولاءات يجعل المخاوف واقعية كما كانت في الماضي.
العلاقة بين العراق وإيران أكثر من مجرد صلة جغرافية فهي شبكة من التأثيرات المتبادلة فكل حركة سياسية أو أمنية في العراق تترجم فوراً إلى تغيير في التوازنات الإيرانية واستقرار العراق أو فراغه الأمني يؤثر مباشرة على قدرة إيران في إدارة نفوذها الإقليمي والعكس صحيح فالأزمات الاقتصادية والسياسية في إيران تنعكس على الفاعلين السياسيين والميليشيات في العراق مما يجعل المشهد كله مترابطاً وحساساً وكأن حدثاً صغيراً في أحد البلدين قد يغير مسار الأحداث في الآخر بشكل كامل.
الأزمة الاقتصادية تمثل عامل ضغط مضاعف فالاعتماد الكبير للعراق على الإيرادات النفطية يجعله هشاً أمام أي توترات أمنية قد تعطل الإنتاج أو تقلل الأسعار، وفي إيران يفاقم الضغط الناتج عن العقوبات وتأزم العملة الوطنية وارتفاع البطالة من التحديات الداخلية ويضع النظام أمام اختبار مستمر للصمود أمام غضب الشارع.
مع هذا التداخل العميق للأزمات يصبح المستقبل القريب مرحلة حرجة فنجاح العراق في إدارة الفراغ الأمني بعد انسحاب التحالف الدولي سيكون مفتاحاً لقدرة إيران على إدارة نفوذها الإقليمي وأي أزمة جديدة في إيران قد تؤثر على استقرار العراق وتفتح المجال أمام سيناريوهات غير متوقعة وتربط الأحداث في شبكة واحدة من الأزمات المتشابكة التي تتطلب يقظة مستمرة وتحليلاً دقيقاً لكل المؤشرات السياسية والاقتصادية والأمنية.
المنطقة كلها في مرحلة حساسة حيث تتقاطع الأزمات الإيرانية والعراقية مع الضغوط الإقليمية والدولية ولا يمكن فصل أي حدث في بلد عن انعكاساته على الآخر.
ومع كل تصعيد محتمل أو فراغ أمني أو أزمة اقتصادية يزداد حجم المخاطر وتعقد مهمة التعامل مع الواقع السياسي والأمني وهذا يجعل متابعة التطورات وتحليلها بشكل دقيق ضرورة ملحة لفهم مستقبل العراق وإيران والمنطقة بأسرها فالمنطقة كلها في توازن هش بين الفرص والمخاطر وأي لحظة قد تعيد رسم خريطة المشهد بشكل جذري ويصبح كل تحرك صغير بمثابة حجر يترنح عليه الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط..