🛑فرجال... news
في فضاء الشعر، حيث الكلمة تكتسب روحها من صدق التجربة وحرارة الوجدان، يطلّ علينا الشاعر عزّام سعيد عيسى، القادم من مصياف – حماة، حاملاً على كفّ القصيدة خمسةً وعشرين عامًا من السير الحافي على دروب الحرف، كمن يقطع الطريق المقدّس نحو المعنى دون أن يتوسّد سوى الإيمان بالكلمة.
هو شتلةٌ صغيرة في دوحة الخليل بن أحمد الفراهيدي، لكنه أرسى جذورَه في عمق اللغة، حتى غدت قصيدته امتدادًا لنبض العرب الأصيل، ووميضًا من وهج التراث المتجدد. شاعرٌ لم يتوقف عند حدود المحلية، بل امتدت مشاركاته في ملتقيات سورية وعربية، وأسهم في تأسيس ملتقى دوحة الشعراء وعددٍ من الصروح الأدبية التي احتفت بالكلمة الحرة والنغمة الصافية.
يكتب عزّام كما يسير: بخطى العاشق الذي لا يخشى الوعر، مؤمنًا بأن في التعب جمالًا، وفي الوصول حكمةً، وفي القصيدة وطنًا لا يخذل أبناءه. ولعلّ كلماته الآتية تختصر مسيرته وتوجّه دربه:
وعلى امتداد الدربِ للهدفِ الذي
تسعى لهُ لا تغفلِ التشويقا
أحلى من الأحلامِ قبلَ بلوغِها
شغفٌ بها يدني لها التحقيقا
ارتات اليوم فرجال..ان تنشر قصيدته الجميلة ("كاهن الورق") التي يسطر فيها احرفا من وجدانه...
(كاهن الورق)
من سكرةِ الحبّ حتّى سدرةِ الألقِ
وحدي أهشُّ بأحلامِي على الطرُقِ
قصائدُ الشّوقِ خانتني مطالِعُها
فما ادّعيتُ نجاتي ساعةَ الغرقِ
ففي النهاياتِ شيءٌ لا يمثّلني
وفي المسافاتِ فوضى استنزفَتْ عرقي
وليسَ غير احتراقٍ ظنَّهُ قبَساً
مَنْ يؤمنونَ بأنّي كاهنُ الوَرَقِ
دفعتُ للعمر مِن صَبري ومنْ وجعي
ضرائبَ الشّوقِ حتّى تهتُ في حَنقِي
أهديتُ طاقةَ وَردي كلّها لغدي
ولمْ أطالبْهُ ردّ الشكر بالعبقِ
وهبتُ للريحِ مكسورَ الجناحِ عسى
أن أقهرَ القفصَ المَرصودَ في أفقي
وحدي تعدّدتُ أحلاماً وقافيةً
‘‘ وما خشيتُ من الحُرّاس في الطرقِ ‘‘
فما أكابدُ من نجوى الوفاءِ لمن
قد أورثونيَ حِملَ الشّوقِ والشّرَقِ
وما هجرتُ الأغاني رغبةً وغِنىً
لكنّها حرمتني سكرةَ القلقِ
أفشيتُ للريحِ سرّي فاختنقتُ بما
سمعتُ من بوحها بي للمَدى الأرِقِ
صحراءُ صحويَ خانتني وخَبّأَتِ
الغاباتِ في ربعها الخالي منَ الومَقِ
في كهفِ نجوايَ لا زوّادتي ضمِنتْ
ليَ الصّمودَ أمامَ الجوعِ والرَّهقِ
ولا مَدينتيَ استهدتْ لمعرفتي
ولم تصادقْ بما أضحتْ على وَرِقي
فعُدتُ منها بِبُشرى ما نُذرتُ لهُ
منَ الغيابِ وظلَّ الفضلُ في عنقي
كالمولويِّ صلاتي خلفَ قافيتي
تلمّستْ نشوةَ العِرفانِ بالحُرَقِ
وحدي تجرَّعتُ ماءَ البحرِ عن طَمعٍ
فما سددتُ بهِ ،، في سكرتي ،، رمَقي
عزام سعيد عيسى... سورية